مخالفات في لباس المرأة (2)


‌‌ مخالفات في لباس المرأة (2)

 

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:

فاستكمالًا للحديث عن لباس المرأة، فقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة برقم (21302)، وجاء فيها: نظرًا لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حول حدود نظر المرأة إلى المرأة، وما يلزمها من اللباس، فإن اللجنة تبيِّن لعموم نساء المسلمين: أنه يجب على المرأة أن تتخلَّق بِخُلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وشعبة من شُعبِه، وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تُبديه لمحارمها مما جرت العادةُ بكشْفه في البيت وحال المهنة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].


وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلَّت عليه السنَّة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة، ومَن اتَّبعهنَّ بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة: هو ما يظهر من المرأة غالبًا في البيت وحال المهنة، ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق، وأما التوسع في التكشف، فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة، هو أيضًا طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها، وهذا موجود بينهنَّ، وفيه أيضًا قدوة سيئة لغيرهنَّ من النساء، كما أن في ذلك تشبهًا بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهنَّ، فقد روى أبو داود في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[1]، وروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا»[2].


وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»[3].


ومعنى «كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ»: وهي أن تكتسي المرأة ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية، مثل مَن تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بَشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يستُر بعض أعضائها؛ فالواجب على المسلمة الحرص على التستر والاحتشام، والتزام الهدي الذي عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة، والحذر من الوقوع فيما حرَّمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبُّه بالكافرات والعاهرات، كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء، فلا يتركهنَّ يلبسن ما حرَّمه الله ورسوله من الألبسة الخالعة والفاتنة، وليعلم أنه راعٍ ومسؤول عن رعيته يوم القيامة[4]؛ اهـ.


[1] برقم (4031) وحسَّن إسناده ابن حجر كما في فتح الباري (6/98).

[4] فتاوى اللجنة الدائمة (17 /290-294) باختصار.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
لا تيأس!
مكتبه السلطان – ٥ كتب غيرت حياتي