تأخر الرد بعد النظرة الشرعية
♦ الملخص:
فتاة تقدم إليها شابٌّ، وطلب النظرة الشرعية، فوافق أهلها، وقد مرَّت أربعة أيام ولم يصل منه ردٌّ إلى أهلها؛ فانزعجوا، وهي تسأل: هل هذا التأخر طبيعي؟
♦ التفاصيل:
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، حُلمي منذ صغري أنا أكون زوجةً، تسعد بزوج صالح، وتفعل كل ما تريد حلالًا كما شرع الله، مشكلتي أنني في أوروبا، وليس يراني الكثير، وأهلي منعزلون عن العائلة، وقد تقدم إليَّ شابٌّ وطلب النظرة الشرعية، فوافق أهلي، ورآني ورأيته، مرت أربعة أيام ولم يرُدَّ قبولًا أو رفضًا، وقد أزعج الأمر أهلي؛ يقولون: كيف يدخل بيوت الناس، وهو غير جاهز؟ أنا خائفة ومتوترة، فهل تعتقدون هذا التأخر طبيعي؟
1- هنيئًا لكِ هذا الحُلم أن تكوني زوجة، ربَّةَ بيتٍ، تسعدين بالزوج الصالح، وتعُفِّين نفسكِ بالحلال، وتكوِّنين أسرة تَقَرُّ بها عينكِ وعين زوجكِ.
2- لا بد أن تعلمي أن مشروع الزواج والاستقرار ليس مشروعًا عاديًّا، يمرُّ بسرعة بدون دراسة وتحرٍّ، ومعرفة كل جوانب الحياة، وخاصة الدين والخُلُق، والسؤال عن الزوج في حياته الاجتماعية، والاقتصادية، والسلوكية، وهذا كله يحتاج إلى وقت كافٍ.
3- المقصود بالنظرة الشرعية من كلا الطرفين أن تتضح الأمور بين المُقْدِمين على الزواج، من كل طرف، وهذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم؛ حيث أمر الخاطب أن ينظر إلى المخطوبة، وأخبر أن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما، ولا يمنع أن تتكرر تلك النظرة؛ شريطة أن يكون هناك عزمًا أكيدًا من الخاطب على الزواج، ولا يكون ذلك لمجرد تسلية، أو لم يملك الباءة في إتمام الزواج.
4- وضحتِ في استشارتكِ أنه لم يمضِ على النظرة الشرعية إلا أربعة أيام في عدم الرد من قِبَلِ الخاطب، وهذا الوقت ما زال قليلًا على دراسة الوضع والتفكير في اتخاذ القرار، فلا يزال الوقت متاحًا؛ لعله يمتد إلى أسبوع أو أسبوعين على الأكثر.
5- لا بد أن تعلمي – أيتها السائلة – أن الزواج قسمة ونصيب، مكتوب عند الله، فلا تقلقي ولا تتوتري كثيرًا، فإذا كان لكِ فيه خير، فسوف يُيَسِّره الله لكِ، وإن كان شرًّا فسيصرفه الله عنكِ؛ لذا كوني على ثقة كبيرة بالله أنه لا يختار لكِ إلا ما هو في صالحكِ، فنرضى بما يقدِّره الله لنا.
6- لا تتأثري بكلام الناس في عدم الرد من الخاطب، أو تنزعجي من اللوم، أو تشكِّي في نفسكِ أنكِ غير مقبولة أو مناسبة للزواج، هذا كله من وساوس الشيطان ونزغاته، فقط اجعلي ثقتكِ بالله، فالذي يكتبه الله فيه الخير، سواء أكان إيجابًا أو سلبًا.
7- أنتِ ما شاء الله عليكِ فتاة تريدين الحلال، بالارتباط الأسري عن طريق الزواج، وما دامت هذه هي النية، فأبشري بالخير، سوف يجعل الله لكِ مخرجًا: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، والزواج من الرجل الصالح من الرزق.
8- احرصي في اختيار الزوج أن يكون صالحًا، صاحبَ دينٍ وخُلُقٍ، بداية بتوحيد الله تعالى، والمحافظة على الصلاة، ويتمتع بالأخلاق الفاضلة، والسلوك القويم، هذه المعايير هي المقدَّمة أولًا في قضية التكوين الأسري.
9- إذا لم يتم الرد بعد هذه المدة، فلا تنزعجي كثيرًا، فهذا شيء صرفه الله عنكِ، ما تدرين لعل الخيرة فيه.
10- لا يمنع من ولي الأمر أن يبحث لوليِّته عن الأزواج الصالحين الذين يرضى دينهم وخلقهم، وهذا فعل الصحابة والتابعين، وليس بعيب كما يظنه البعض.
11- الخاطب الكفء صاحب الدين والخلق، والاستقامة والطاعة لله، لا يرد من أجل مركزه الاجتماعي مثلًا، أو حالته الاقتصادية متوسطة، فهذه المعايير الدنيوية سرعان ما تذهب وتتلاشى، والله تكفَّل بالغِنى للزوجين، حتى وإن كانا فقيرين: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 32].
نتمنى لكِ كل خير وسعادة، وأن يحقِّق الله أحلامكِ بالزوج الصالح الذي تقر به عينكِ، وأن يوفِّقكِ في حياتك، ويرزُقكِ الذرية الصالحة.