الفاتحة وتوحيد الربوبية
الفاتحة وتوحيد الربوبية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
إذا نظرنا إلى سورة الفاتحة فإننا نجد أنَّ الآية الأوَلى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة:2]، افتُتحت بها سورة الفاتحة، وهي التعريفُ بالمعبود – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – وبحمدهِ، فالحمد لله رب العالمين: من الوهلة الأولى ترسخ عقيدة التوحيد، الحمد لله: توحيد الألوهية، رب العالمين: توحيد الربوبية.
فربُّ العالمين المنفرد بالملكِ والخلقِ والرزق والتدبير، المحيي المميت، القابض الباسط، الخافض الرافع، المعز المذل، المدبر لكل هذا الكون أوجدهُ من العدم، وهو – جل جلالهُ – المتصرفُ فيهِ كيف يشاء، ويقضي فيهِ بما يريد، لا راد لحكمهِ، ولا لمعقب لقضائهِ.
• هذه السورة وهي سورة الفاتحة: عندما نقرأها فإن قلب العبد يمتلئ توحيدًا وأنوارًا تتلألأ من قلبهِ، فيرى الموحد ثمارَ هذا التوحيد، وهو توحيد الربوبية، يرى ذلك في يومهِ وفي ليلتهِ، والمسلم اليوم والشباب على وجه الخصوص يرون ويسمعون عبر المواقع العالمية فئات الملحدين الجاحدين للربوبية ووجود الخالق – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – لكنهم يدركون تمامًا بما عندهم من التوحيد الخالص لله حجمَ ظلمات الحيرة والشك والاضطراب والقلق في حياة الملحدين، وهذا عذابُ الدنيا وجحيمها يلفح قلوبهم صباحَ مساءَ.
• في المقابل: نجد تدفُّق مشاعر السكينة والطمأنينة إلى قلوب الموحدين، كيف لا والتوحيدُ شجرةٌ طيبة تؤتي أُكلها كل حينٍ بإذن ربها، فهي نعمةٌ من الله ينزلها على قلوب المؤمنين الموحدين.
إنَّ مما يحزن الفؤاد أنْ نرى في واقع بلاد المسلمين بعضًا من مظاهر نواقض ونواقص توحيد الربوبية، بدءًا من الفرق الضالة المستغيثة بالأئمة والأولياء والمقبورين، يدعونهم من دون الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى – ويصرخون بأعلى صوتهم استغاثةً بهم، بل يقفون على عتبات مشاهدهم، فيعتقدون فيهم تحكمهم في ذرات الكون، فينشأ تأليههم للأموات؛ لعلمهم اليقيني أن لهم حقًّا في الربوبية اَلتِي لا تُصرف إلا لله وحده لا شريك له، فاللهم إنَّا نبرأ إليك من فعلهم، ونعوذ بك من شرورهم.
والحمد لله رب العالمين.