الرد المختصر على القائلين ببدعية صلاة التهجد (PDF)
الرد المختصر على القائلين ببدعية صلاة التهجد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً وبعد:
فقد عرض علي البعض هذا السؤال: لقد اعتاد كثير من الناس في كل عام في العشر الأواخر من رمضان أن يكثر جدالهم في مسألة حكم الزيادة على إحدى عشرة ركعة في صلاة التراويح ومسألة التهجد؛ فبعضهم يقول: هذا ليس فيه شيء، وبعضهم يقول: إنه بدعة ويستدل على بدعيته بكلام الشيخ الألباني، فما هو الحق في ذلك؟
وجواباً عن ذلك أقول:
إن المعروف عند جماهير أهل العلم أن قيام الليل لا حد لأكثره، وهذا إجماع عندهم، وإذ الأمر كذلك فإن الزيادة على إحدى عشرة ركعة في صلاة التراويح جائزة ولا شيء فيها إطلاقاً، وقد صح عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه صلاها عشرين ركعة، وقد فعل ذلك بمجمع من الصحابة فكان ذلك إجماعاً منهم على جواز الزيادة، ولا عبرة حينئذ بقول من يفتي ببدعية ذلك ويضعف حديث عمر -رضي الله عنه- فقوله ضعيف وساقط وشاذ؛ سواء قاله الشيخ الألباني أو غيره، والتحقيق هو صحة الحديث وقد نص على تصحيحه جماعة من أهل العلم.
وأما ما يتعلق بمسألة التهجد في العشر الأواخر من رمضان بأن يصلي المسلمون عدداً من الركعات في أول الليل ثم ينصرفوا ويرجعوا عند منتصف الليل؛ فإن هذا لا شيء فيه أيضاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وأما الزعم بأن ذلك بدعة للزيادة على إحدى عشرة ركعة ولتحديد وقت معين لرجوعهم فيه ويزعمون أن هذا غير معروف عند السلف؛ كذا يقولون! فإن هذا كلام باطل ويدل على عدم معرفة كلام السلف في ذلك؛ فإن جماهير السلف على أن قيام الليل لا حد لأكثره، وما يتعلق بالرجوع في منتصف الليل فهذا يعرف عند السلف بالتعقيب، وخلاصة القول في التعقيب أن له صورتين:
الصورة الأولى: أن يصلي المسلمون التراويح في أول الليل ولا يختموا صلاتهم بالوتر وينصرفوا ثم يرجعوا بعد فترة من الوقت في منتصف الليل ويصلوا ما شاءوا من الركعات ويختموا صلاتهم بالوتر، فهذا التعقيب لا شيء فيه إطلاقاً.
والصورة الثانية: أن يصلي المسلمون التراويح في أول الليل ويختموا صلاتهم بالوتر وينصرفوا ثم يرجعوا بعد فترة من الوقت في منتصف الليل فتكون صلاتهم بعد الوتر، فهذه الصورة مكروهة.
والذي ينظر إلى جماهير المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها وعلى رأس ذلك في الحرمين الشريفين؛ يجدهم يصلون حسبما ورد في الصورة الأولى فلا كراهة إذن ولا بدعة، وقد بسطت القول في بيان مشروعية التهجد وعدم بدعيته في كتاب لي بعنوان: (إعلام المتعبد بمشروعية صلاة التهجد) وقد رددت فيه على القائلين ببدعية ذلك ودحضت شبههم والحمد لله على توفيقه، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.