من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
سلسلة دروس أحاديث رمضان في فضل خير العصور
حديث: من سبَّ أصحابي، فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبَّ أصحابي، فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ[1].
الشرح:
وفي هذا الحديث يُخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن من سبَّ أصحابه لعنه الله تعالى والملائكة عليهم السلام والناس أجمعين.
ولعنة الله تعالى هي: عذابُه، والطرد من رحمته وخيره؛ قال الطبري في شرح آية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾[البقرة: 161].
أبعدهم الله وأسحَقهم من رحمته، والملائكة، يعني ولَعنهم الملائكةُ والناس أجمعون، ولعنة الملائكة والناس إياهم قولهم: عليهم لعنة الله[2].
وعلى هذا فلعنة الله تعالى على مَن سبَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هي طردُهم من رحمة الله تعالى، وعذابُه لهم.
ولعنة الملائكة والناس: هي دعاؤهم عليهم باللعنة.
وأمَّا لعنة الناس أجمعين، فسيقول القائل: إنَّ أكثر الناس لا يؤمنون، فدعوتُهم مردودة.
يكون الجواب عليهم على قسمين:
الأوَّل: أنْ تكون لعنة الناس أجمعين على مَن سب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، سواء كان اللاعنون مسلمين أو كفارًا، ويكون ذلك يوم القيامة؛ لقوله تعالى: ﴿ قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف: 38].
فهؤلاء يلعنون بعضهم وهم كفارٌ يومَ القيامة، ويلعنهم المسلمون أيضًا.
الثاني: أن تكون اللعنة في الدنيا وفي الآخرة، ويكون المقصود (بالنَّاس أجمعين) هم المسلمين فقط، ولا يعتبر الكفار من البشر؛ لقوله تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، فلقد عدَّهم الله تعالى من الأنعام وصفًا.
وعلى هذا فتكون لعنة الملائكة والمسلمين على من سبَّ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
وتكون لعنة الناس أجمعين كفارهم ومسلمهم على مَن سبَّ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وأمَّا حكمُ مَن سبَّ الصحابة فقد سبق في الحديث رقم 12.