تحميل كتاب عمدة الطبيب في معرفة النبات pdf
الكتاب الذي بين أيدينا متنه محققاً هو عبارة عن معجم موسوعي يضم أسماء النباتات وصفاته وأجناسه وبيئته الطبيعية مع عناية خاصة بجوانب من الجغرافية النباتية للأندلس والمغرب. وهو يتميز أولاً: في أنه لا يبحث إلا في أمور النبات، شجراً وجَنْبة وبَقلاً وعشباً، وما يتعلق به من صمغ ولثى ومن، يدرسه من حيث خصائصه الفيزيولوجية والطبيعية ولا يهتم بمفردات الحيوان والأحجار. ثانياً: يورد مؤلف “عمدة الطبيب” في هذا المعجم الموسوعي أسماء عدد كبير من الأعشاب باليونانية واللاتينية والفارسية والإسبانية والأمازيغية والنبطية، كما يذكر كثيراً من الاسماء المحلية الدارجة في عدد من الأقطار ولا سيما بالأندلس والمغرب. ثالثاً: يُعنى المؤلف بجغرافية النبات، وبيئته الطبيعية، فيذكر أماكن وجوده ولا سيما في أنحاء الأندلس والمغرب. رابعاً: وقف المؤلف بنفسه على منابت العشب والشجر في مختلف الجهات التي زارها فأمكنه بذلك تبيُّن اختلاف الأجناس والأنواع، وتصحيح ما وقع فيه غيره من وهم وخطأ.
خامساً: يتجلى في كتاب “عمدة الطبيب” اهتمام مؤلفه بمسائل الفلاحة والغراسة ومعالجة كثير من شؤونهما مما يدل على خبرته واشتغاله بأمور الزراعة وقيامه بتجارب في هذا الميدان. سادساً: كان المؤلف سبّاقاً إلى اصطناع نظام جديد لتصنيف النبات وتجنيسه، وهو نظام استنبطه من معاينته لأوجه “المشابهة والمشاكلة”-حسب عبارته-الموجودة بين الأجناس والأنواع المتقاربة، وهو بذلك أول عالم نبات يستنبط نسقاً للتصنيف في هذا العلم، يشير إليه صراحة في في صلبت كتابه، وهو بذلك قد سبق غيره من العلماء في الشرق والغرب، ذلك أن أول محاولة في هذا الميدان لم تُعرف إلا في أواخر القرن السادس عشر الميلادي على يد أندريا سيسالبينو الإيطالي في “كتاب الأعشاب” الذي ظهر عام 1583م، وهج فيه المؤلف طريقة التحليل المورفولوجي لأجزاء النبات وتوصل إلى تعيين فصائل تثطابق تنوّع تلك الأجزاء.
سابعاً: أدرج مؤلف “عمدة الطبب” في كتابه عدداً كبيراً من ألفاظ اللغة التي لها صلة بالنبات وأحواله وأجزائه. ثامناً: اتبع المؤلف في وصف النبات أسلوباً يتميز بالوضوح والإيجاز والدقة وتجنب الحشو المؤدي إلى الخرود عن موضوع التأليف إلا فيما قلّ وندر، وأسلوبه يدل على امتلاكه لناصية اللغة العربية ومعرفته لمظانها ومصادرها في العلم الذي اختصّ به، فضلاً عن حسن استعماله للألفاظ والمصطلحات المتعلقة بالنبات والزراعة وأ؛وال العشب والشجر وأوجه استعمال ما تجود به من زهور وبذور وأصول وصموغ وما إلى ذلك.
وسيلاحظ القارئ لهذا الكتاب أن الأسماء الإسبانية للنباتات كانت مألوفة ومتداولة بين أهل الأندلس الذين كانوا مع ذلك يستعملون بعض الأسماء العربية بصيغة التصغير الإسبانية من أمثال: عَروساله (تصغير عروسة)، وبطخياله (تصغير بطيخ)، وما شابه هذا؛ كما شاع بين النباتيين الأندلسيين استعمال مصطلحات أجنبية مثل التمنس وأصله من اليونانية thamnos-كما يؤكد أسين بلاثيوس-ويريدون به الشجيرة، وكلمة راءا الذي يراد به كل حب له غلافان كالشعير ونحوه.