أدب العلماء مع بضعة الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء البتول


أدبُ العلماءِ معَ بضعةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

فَاطِمَةَ الزهراءِ البَتول

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاه وبَعْدُ:

فالتأدُّب مع آل بيت النبي تأدُّبٌ معه صلى الله عليه وسلم، ولا سيما إذا كان المقصود من الخطاب بضعة منه صلى الله عليه وسلم وهي: سيدتنا فاطمة الزهراء البتول[1]؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري: إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا” ومسلم بلفظ: “فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي”[2].

 

من هنا أبدعَ سلَفُ الأمَّةِ وخلَفُها التأدبَ معها رضي الله عنها باللفظ والمعنى، فتراهم عندما يروون حديث المخزومية التي سرقت ويذكرون بأسانيدهم قول المعصوم صلى الله عليه وسلم: “…وَأيْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا” تراهم يتأدبون معها بذوق راقٍ يتناسب من بيت النبوة وآله صلوات ربي وسلامه عليه؛ فهذا فقيه الأمة الليث بن سعد وهو أحد رجال الإسناد الذي يروي هذا الحديث يعلق بعده قائلًا كما أخرج ابن ماجه في سننه: «قَدْ أَعَاذَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَسْرِقَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا»، ونص الحديث عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: (إنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ؛ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا»، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: «قَدْ أَعَاذَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَسْرِقَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا»)[3].

 

وهذا ما نقله عنه العراقي وتعليله لذلك بأدب جمٍّ قلَّ نظيرهُ فقال: قَوْلُهُ «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ»…وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ – رَحِمَهُ اللَّهُ – بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَعَاذَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ أَيْ: حَفِظَهَا مِنْ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ وَحَمَاهَا مِنْهُ؛ إذْ هِيَ بِضْعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ﴾ [الحاقة: 44] إلى آخِرِ الْآيَةِ، وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْنَا أَشْيَاخَنَا-رَحِمَهُمُ اللَّهُ- عِنْدَ قِرَاءَةِ هَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: أَعَاذَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ[4].

 

وزاد العراقي بالنقل عن سيدنا الشافعي: (أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ هَذَا اللَّفْظَ إعْظَامًا لِفَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -وَإِجْلَالًا لَمَحِلِّهَا وَإِنَّمَا قَالَ: فَذَكَرَ عُضْوًا شَرِيفًا مِن امْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ)[5].

 

ثم عقب عليه-العراقي-بقوله: (وَمَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَنْزَهَهُ)[6].

 

ونقل السيوطي في شرحه لجمع الجوامع في كتابه الماتع: “الكوكب الساطع” عن الإمام السبكي أنه عندما كان يذكر هذا الحديث يزيد بعد هذا قوله: (حاشاها من ذلكثم يعقب قائلًا ممتثلًا هذا الأدب: (وهو أدب حسن).

ليس هذا فحسب وإنما يذكر السيوطي عشرين لغة في قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أن فاطمة بنت محمد) ثم يقول: (سرقت) أُتى به مبالغة، وهو على سبيل الفرض الذي يُستعمَل فيما لا يكون أصلًا لا الوقوع[7].

 

وعلل العلماء سبب ذكرها رضي الله عنها دون غيرها في النص من عدة وجوه؛ ومنها:

قال العراقي: ثم قال: وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دُونَ غَيْرهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ نِسَاءِ زَمَانِهَا فَهِيَ عَائِشَةُ فِي النِّسَاءِ لَا شَيْءَ بَعْدَهَا، فَلَا يَحْصُلُ تَأْكِيدُ الْمُبَالَغَةِ إلَّا بِذِكْرِهَا، وَانْضَمَّ إلى هَذَا أَنَّهَا عُضْوٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ عَلَى مُحَابَاتِهَا فِي الْحَقِّ، وَفِيهَا شَيْءٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنَّهَا مُشَارِكَةٌ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فِي الِاسْمِ فَيَنْتَقِلُ اللَّفْظُ وَالذِّهْنُ مِنْ إحْدَاهُمَا إلىالْأُخْرَى وَإِنْ تَبَايَنَ مَا بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ… وفِيهِ: مُبَالَغَةٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُحَابَاةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ فُرِضَت فِي أَبْعَدِ النَّاسِ مِن الْوُقُوعِ فِيهَا[8].

 

وقال ابن الجوزي: لِأَن تِلْكَ الْمَرْأَة اسْمها فَاطِمَة، فَقَالَ: “لَو كَانَت فَاطِمَة ابْنَتي”[9].

 

وقال القسطلاني وغيره: إنما ضُربَ المثل بفاطمة رضي الله عنها؛ لأنها كانت أعزَّ أهلِهِ ثم إنها كانت سميتها[10].

 

قال محمد الصديقي: فَيَنْبَغِي ألَّا يُذْكَرَ هَذَا الْحَدِيثُ في الاستدلال وَنَحْوِهِ إِلَّا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ- أي زيادة الليث بن سعد- وَإِنَّمَا خَصَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا أَعَزُّ أَهْلِهِ عِنْدَهُ فَأَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَثْبِيتِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَتَرْكِ الْمُحَابَاةِ فِي ذَلِكَ[11].

 

قلت: واسم المخزومية هو: فاطمةُ بنتُ الأسود، وزمن وقوع الحادثة كان ذلك في غزوة الفتح كما ذكر ذلك شُرَّاح الحديث[12].

 

وكيف لا يتأدبُ العلماءُ معها رضي الله عنها وهي من أسرَّها النبي صلى الله عليه وسلم أسراره قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى؛ فقالت سيدتُنا عَائِشَةُ رضي الله عنها: اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَاطِمَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا، فَقُلْتُ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ: أَخَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثِهِ دُونَنَا، ثُمَّ تَبْكِينَ؟ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي “أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي، فَقَالَ: «أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ» فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ[13].

 

وهي رضي الله عنها مَنْ قالتَ ما قالتَ عند النزع الأخير وعند التحاقه صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام: وَا كَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ»، فَلَمَّا مَاتَ… قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ، إلى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ… قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام: يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابَ)[14].

 

قال ابن حجر: وأشارت-عليها السلام-بذلك إلى عتابهم على إقدامهم على ذلك؛ لأنه يدل على خلاف ما عرفته منهم من رقة قلوبهم عليه لشدة محبتهم له، وسكت أنس عن جوابها رعاية لها ولسان حاله يقول: لم تطب أنفسنا بذلك، إلا أنَّا قهرناها على فعله امتثالًا لأمره[15].

 

يقول سيدنا أَنَس رضي الله عنه: لَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأَيْدِي وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا[16].

 

ونقل الإمام الذهبي في ترجمة سيدتنا فاطمة رضي الله عنها وعن أبيها أنها كانت تَذوبُ بعد انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى حزنًا عليه صلوات ربي وسلامه عليه؛ قال يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ[17] عَنْ عبدالله بْنِ الْحَارِثِ[18]، قال: (مَكَثَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهِيَ تَذَّوبُ[19])[20].

 

وروى عنه أنه قال: مكثت بعد أبيها ستة أشهر، وهي تَذَّوبُ، وما ضحكت بعده أبدًا[21].

 

روى الطبراني بسنده إلى سفيان بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: «مَكَثَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا رُئِيَتْ ضَاحِكَةً بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم…»[22].

 

قال الذهبي: والصحيح أنها ماتت وعمرها أربع وعشرون سنة. وقيل: إحدى وعشرون. وقيل: ست وعشرون، وقيل: تسع وعشرون، وقيل: ثلاث وثلاثون، وقيل: خمس وثلاثون[23].

 

اللهم ارزقنا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها رضي الله عنها ومع آل النبي صلى الله عليه وسلم أجمعين، واجمعنا بها وبرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، وارزقنا رؤيته ورؤيتها في الدنيا قبل الآخرة، وإنَّا لنذوب للقائه صلى الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيِّدنا مُحمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

والحمد لله ربِّ العالمين.


[1] “الزهراء البتول”، أطلق كثير من علماء الأمة وساداتها لقب: “الزهراء”، و”البتول” على سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، ومنهم: ابن كثير/ البداية والنهاية، ط إحياء التراث: (7/ 249)، وابن حجر/ إنباء الغمر بأبناء العمر: (3/ 243)، الإصابة في تمييز الصحابة: (8/ 166)، والعجلي/ الثقات للعجلي/ (ص: 542)، وابن حبان/ الثقات لابن حبان: (2/ 310)، وأبو نعيم/ معرفة الصحابة / (6/ 3185)، وابن عبدالبر/ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: (4/ 1893) الخطيب البغدادي/ تاريخ بغداد ت بشار: (1/ 466)، وابن الاثير/ أسد الغابة، ط العلمية (7/ 230)، ومحب الدين الطبري/ الرياض النضرة في مناقب العشرة: (2/ 340)، والمزي/ تهذيب الكمال في أسماء الرجال (1/ 191)، والذهبي/ المقتنى في سرد الكنى: (2/ 167)، تاريخ الإسلام، ت بشار: (1/ 87)، سير أعلام النبلاء، ط الحديث: (1/ 384)، تاريخ الإسلام، ت تدمري: (2/ 141)، والصفدي/ الوافي بالوفيات: (12/ 67)، والسمهودي/ خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى (2/ 38)، واليافعي/ مرآة الجنان وعبرة اليقظان: (1/ 63). ومعناه عندهم: المشرقة البيضاء المستنيرة، والرجل أزهر والمرأة زهراء، وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَزْهَرَ اللَّوْنِ”؛ رواه البخاري (3547)، ومسلم (2330)، قال النووي: “قَوْله: (أَزْهَر اللَّوْن) هُوَ: الْأَبْيَض الْمُسْتَنِير، وَهِيَ أَحْسَن الْأَلْوَان”. وقال ابن حجر: “أي أبيض مشرب بحمرة”. وهذا مجرد وصف ومدح، فالذي أطلق على فاطمة رضي الله عنها هذا اللقب من العلماء أراد أنها كأبيها صلى الله عليه وسلم في الجمال وحسن الصورة.

وأما من أطلق عليها “البتول”؛ أبو نعيم فقال: (فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: وَمِنْ نَاسِكَاتِ الْأَصْفِيَاءِ وَصَفِيَّاتِ الْأَتْقِيَاءِ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، السَّيِّدَةُ الْبَتُولُ الْبَضْعَةُ الشَّبِيهَةُ بِالرَّسُولِ أَلْوَطُ أَوْلَادِهِ بِقَلْبِهِ لُصُوقًا، وَأَوَّلهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِهِ لُحُوقًا، كَانَتْ عَنِ الدُّنْيَا وَمُتْعَتِهَا عَازِفَةً، وَبِغَوَامِضِ عُيُوبِ الدُّنْيَا وآفَاتِهَا عَارِفَةً)؛ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: (2/ 39)، وقال: (بَدَأْنَا بِذِكْرِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِذْ كَانَتْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ، وَكَانَتْ مَخْصُوصَةً مِنْ بَيْنِ أَوْلَادِهِ بِمَحَبَّتِهِ لَهَا، كَانَتْ أَصْغَرَ بَنَاتِهِ سِنًّا، بَشَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ، وَكَانَتْ مِنْ خَيْرِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَنِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَانَتِ الْمُحْصَنَةَ الطَّاهِرَةَ الزَّهْرَاءَ الْبَتُولَ)؛ معرفة الصحابة: (6/ 3185): قال الزبيدي: (لُقِّبَتْ فاطمةُ بنتُ سيّدِ المرسلِين عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وعَلى ذُرِّيتها: بالبتُولِ، تَشْبِيهًا بهَا-أي: بسيدتنا مريم-فِي المَنْزِلَة عِنْد الله تَعَالَى، قَالَه الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لانقطاعِها عَن نِساءِ زمانِها، عَن نِساءِ الأُمَّةِ فَضْلًا ودِينًا وحَسَبًا وعَفافًا، وَهِي سيِّدةُ نساءِ العالَمين وأُمُّ أولادِه، صلى الله عليه وسلم، وَرَضي عَنْهَا وعنهم…وقيل: البتُولُ مِن النِّساء: المُنْقَطِعةُ عَن الدُّنيا إلى اللهِ تَعالَى وَبِه لُقِّبَتْ فاطمةُ أَيْضًا، رَضِي اللهُ تعالَى عَنْهَا، البَتُولُ: الفَسِيلَةُ مِن النَّخلة المُنْقطِعةُ عَن أُمِّها المُستَغْنِيةُ بِنَفسِهَا)؛ ينظر تاج العروس (28/ 52)، وينظر أيضًا: الذهبي/ تاريخ الإسلام، ت تدمري (27/ 31)، ابن العمراني/ الإنباء في تاريخ الخلفاء (ص: 199)، وغيرهم من العلماء الأكابر والأفاضل.

[2] ينظر: صحيح البخاري (4/ 83) (3110)، وصحيح مسلم (4/ 1903) (2449).

[3] ينظر: سنن ابن ماجه: (2/ 851) (2547).

[4] ينظر: طرح التثريب في شرح التقريب: (8/35).

[5] ينظر: طرح التثريب في شرح التقريب: (8/35).

[6] ينظر: طرح التثريب في شرح التقريب: (8/ 35).

[7] ينظر: دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: (5/ 112)، وذخيرة العقبى في شرح المجتبى: (37/ 12)، ونقله عن السيوطي في “الكوكب الساطع”.

[8] ينظر: طرح التثريب في شرح التقريب: (8/ 35).

[9] كشف المشكل من حديث الصحيحين: (3/ 109).

[10] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: (5/ 434).

[11] عون المعبود وحاشية ابن القيم: (12/ 21).

[12] ينظر: مصابيح الجامع: (7/ 174)، وغيره.

[13] صحيح مسلم: (4/ 1905) (2450).

[14] صحيح البخاري: (10: 554)، رقم: (4462).

[15] يُنْظَر: فتح الباري: (8: 149).

[16] سنن الترمذي، ت بشار: (6/ 17) (3618)؛ وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ، وقال ابن حجر: بِسَنَدٍ جَيِّدٍ. فتح الباري لابن حجر: (8/ 149).

[17] ينظر: الكاشف: (2/ 382) (6305)، وتقريب التهذيب: (ص: 601) (7717).

[18] عبدالله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب الهاشمي لقبه “ببه” يروي عن عمر وعثمان وروى عنه بنوه والزهري وأبو إسحاق أمير البصرة له رؤية ولأبيه وجده صحبة، قال ابن عبدالبر: أجمعوا على ثقته، مات هاربًا من الحجاج 84 ع. ينظر الكاشف: (1/ 544) (2675)، تقريب التهذيب: (ص: 299) (3265).

[19] اختلف المحققون لقول الإمام الذهبي عندما نقل هذا النص فضبطه بعض الأفاضل بقولهم: “تَذُوَبُ” بفتح التاء وضم الذال، وذهب بعضهم إلى ما أثبتناه في المتن بقولهم: “تَذَّوبُ”، وهو الذي نميل إليه؛ لأن في التشديد حصول مبالغة في المعنى وهو المراد من سياق النص، وهو ما يتناسب مع حال سيدتنا فاطمة الزهراء البتول لشدة حزنها على فراق أبيها صلى الله عليه وسلم، والله أعلم بالصواب. ينظر في هذا المقام مقاييس اللغة (2/ 364)، ولسان العرب (1/ 396)، ومختار الصحاح (ص: 114)، وغريب الحديث للقاسم بن سلام (3/ 218).

[20] ينظر: تاريخ الإسلام، ت بشار: (2/ 32)، سير أعلام النبلاء، ط الحديث: (3/ 423).

[21] ينظر: إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل: (ص: 94).

[22] ينظر: المعجم الكبير للطبراني: (22/ 399) (995)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم: (6/ 3191)، (7335)، قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: (9/ 212).

[23] ينظر: تاريخ الإسلام، ت بشار: (2/ 32)، سير أعلام النبلاء، ط الحديث: (3/ 423).





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب مساكن العمال pdf
تحميل كتاب محطات القوى الكهربائية على نهر سنت لورنس وما أنشئ في حوضه من صناعات pdf