تشكيل العقل المسلم ومنهجية علم أصول الحديث لخلدون الأحدب


تشكيل العقل المسلم ومنهجية علم أصول الحديث لخلدون الأحدب

 

صدر حديثًا كتاب “تشكيل العقل المسلم ومنهجية علم أصول الحديث”، تأليف: أ.د. “خلدون محمد سليم الأحدب”، نشر: “دار الكمال المتحدة للنشر والتوزيع“، و”دار المنهاج القويم للنشر والتوزيع”.

 

 

وينطلق هذا البحث من ماهية مكانة العقل في الإسلام وتكامله مع الوحي، فالإسلام كفل للعقل حريته وأهميته في الاستدلال، كما أن صحيح المنقول لا يعارض صريح المعقول، وقد اتفقت كلمة الأصوليين على أن (العقل مناط التكليف).

ومن ثم فإن حفظه ضرورة لا غنى عنها، ولا تستقيم حياة الناس، ولا يكون منهم عمران بدون ذلك.

وقد بين الكاتب أن مفسدات العقل: مفسدات معنوية ومفسدات حسية، وأن الإسلام نادى بحفظه من كل أنواع المفسدات، ووضح أن فساد العقول بالتصورات الخاطئة، والأفكار المنحرفة، وألوان البدع والخرافات، أخطر من فسادها بالمسكرات.

وفي سياق صحة التفكير هذه يتحدث عن (علم أصول الحديث)، وهو علم عظيم ابتكره العقل المسلم للتعامل مع النص ثبوتًا وتوثيقًا، فهذا العلم يمثل إضافة مهمة ومتفردة في التأصيل للفكر المنهجي، ومن هنا – وفق تعبير المؤلف – هذا العلم أحدث “نقلة منهجية” للعقل المسلم، هذه النقلة المنهجية سيتحدث عنها المؤلف في المبحث الثالث من كتابه بعد أن مهَّد لذلك المبحث بمبحثين في أول الكتاب عن تكامل الوحي مع العقل، والنقلات التي حققها الإسلام للعقل.

وجاءت هذه الفكرة في التكامل بين العقل والوحي من خلال تصور منهجي لعلم أصول الحديث في عدة مباحث على النحو التالي:

المبحث الأول: مكانة العقل وتكامله مع الوحي، وحدود العقل، والتكامل بين الوحي والعقل. المبحث الثاني: النقلات التي حققها الإسلام للعقل، والنقلة التصورية الاعتقادية، والنقلة المعرفية، والنقلة المنهجية.

المبحث الثالث: علم أصول الحديث والنقلة المنهجية، والأصول التي قررها القرآن الكريم والسنة والتي تشكل أسس المنهج النقدي الحديثي.

المبحث الرابع: منهجية علم أصول الحديث وتشكيل العقل المسلم، ويشتمل على أربع حقائق:

الحقيقة الأولى: شمول المنهج النقدي الحديثي لكل أوجه احتمال القوة أو الضعف في جوانب الحديث كافة سندًا ومتنًا.

الحقيقة الثانية: أن المنهج النقدي الحديثي لم يكن منهج تهيمن عليه النزعة الشكلية.

الحقيقة الثالثة: أن بناء علم أصول الحديث كان بناءًا عقليًا.

الحقيقة الرابعة: عدم انفكاك علم أصول الحديث عن البناء التربوي إلى جانب البناء العقلي.

المبحث الخامس: كليات أثر علم أصول الحديث في تشكيل العقل السليم.

وقد أوضح الكاتب أنه ليس بمقدور قوة في الأرض أن تبعث المسلمين من جديد للفعل الحضاري مالم تتهيأ الشروط والمواصفات والتحولات الحاسمة: عقديًا ومعرفيًا ومنهجيًا… حيث أعاد هذا الدين صياغة الروح والقلب والضمير من خلال هذه التحولات الثلاثة.

كما أن (الفعل الحضاري الإسلامي) امتد لكي يغطي اتجاهات ثلاثة، انضفرت في نهاية الأمر لكي تعزز الوجود الحضاري الإسلامي، وتغنيه من جهة، ولكي ترفد مجرى الحضارات البشرية بالعطاء المتنوع الواحد من جهة أخرى.

وهذه الاتجاهات الثلاثة، هي:

١- الانتقاء الحضاري.

٢- الإبداع بعد الانتقاء.

٣- النقل الجغرافي والانتشار.

إنَّ هذه التحولات الرئيسة (عقديًا ومعرفيًا ومنهجيًا) حققت للعقل المسلم أن يتصف:

أولًا: بالتطابق والتكامل والانسجام.

ثانيًا: بالقضاء على الازدواجية.

ثالثًا: وضع كل شيء في مكانه المناسب، ورؤية الأشياء في إطارها الصحيح.

أي إنها حققت للعقل المسلم: (وسطيته)، التي بلَّغه الله بها موقع الشهود الحضاري {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [البقرة: 143].

وبين الكاتب أن علم أصول الحديث حقق هذه النقلة المنهجية من خلال أسس منهج نقد الحديث وهي: تحريم الكذب – رفض خبر الفاسق- اشتراط العدالة لقبول الأخبار- اشتراط الضبط لقبول الأخبار – تحريم نقل الخبر المكذوب ونفي رواية المنكر من الأخبار – التثبت من كل قضية.

ولإدراك أثر هذا العلم – وهو من ركائز النقلة المنهجية – في تشكيل العقل المسلم، فإن حقائق أربعًا هي من الأهمية بمكان حققت وأكدت منهجيته التي كان نوط تشكيل العقل المسلم بها.

ومحصلة هذا البحث: أنَّ (علم أصول الحديث) كان له كل الأثر في جعل العقل المسلم ينتقل:

أولًا: من عقل خرافي يتبع الظنون والأوهام إلى عقل علمي يتبع الحجة والبرهان.

ثانيًا: من عقل مقلِّد تابع إلى عقل متحرر مستقل.

ثالثًا: من عقل متعصب إلى عقل متسامح.

رابعًا: من عقل راكد على عقل متحرك.

خامسًا: من عقل مدع متطاول إلى عقل متواضع، يعرف حده فيقف عنده.

ويبقى المطلوب دائمًا: إشاعة علوم المنهج في الأمة بشكل عام، واستمرار تناولها بالبحث والدرس، والنقد والموازنة والترجيح، حتى يشكل البحث في المنهج مناخًا عامًا يُنَشَّأُ عليه عقل الأمة.

والكاتب هو أ. د. “خلدون محمد سليم الأحدب” أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، من مصنفاته:

“التصنيف في السنة النبوية”.

“سوانح وتأملات في قيمة الزمن”.

“الإمام البخاري وجامعه الصحيح: نظرات وتحقيقات في السيرة والمنهج”.

“المنتقى من المصادر المعاصرة في القرآن الكريم وعلومه”.

“بحوث في علم الحديث النبوي الشريف”.

“زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة”.

“أسباب اختلاف المحدثين”.

 





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
Best photo books 2021: Make & print an album online – iMore
Star Trek: Strange New Worlds Season 2, Episode 3 Preview Brings Back Kirk – ComicBook.com