حبس الدموع


حبس الدموع

 

ليس هناك شيءٌ أشقُّ على النفس مثل قسرها على اصطناع الفرح، وحملها على الضحك، والحزنُ يأكل أحشاءَها.

 

ولو تُرِكت على سجِيَّتِها، لَتنفَّس المحزون الصُّعَداء، ودبَّ النشاط في بدنه؛ لأن النَّفس تشعر بالارتياح بعد البكاء.

 

إن البكاء على فَقْدِ حبيبٍ، أو رحيل صديق – مظهرٌ من مظاهر الرحمة، وعلامة من علامات الوفاء، وليس علامة ضعف، كما يعتقد بعض القساة، ودونكم تجربتي:

منذ سنوات خَلَتْ والحزن الأسود الكثيف يلفُّني ويطوِّقني، لا سيما بعد رحيل والدتي نوَّر الله قبرها، وكعادتي كلما يجتاحني الحزن، أتوارى عن أعين الناس، وأبكي بكاء الثاكلين؛ لأنني إنسان – كتلة من المشاعر – ولستُ حجرًا صَلْدًا.

 

إن لُبْس ثوب السعادة عَنوةً يُرهق الروح، ويحمِّلها من المشاقِّ ما لا تطيق، فَقُلْ لي بربك: كيف حال صدر الصباح حين جثا عليه الليل، وسرق منه لهفة الوصال، ورغبة الوصول؟

 

إن الدموع التي تسيل على خدِّ الأب المكلوم، ووجه الأم المفجوعة، وتَرْقُوَّةِ الْمُخْبِت الخاشع – دموع صادقة، لو مُزجت بماء البحر، واغتسل به الكذَّاب، لَشُفي من داء الكذب.

 

فدَعُوها تجري على أقدار الله، واتركوا القلب المُثقَل بالهموم يتنفس قليلًا، ولا تتعمدوا حبسها؛ فتتعذَّب النفس، وتختنق الروح.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب كوبري البلت الصغير بالدانمارك pdf
تحميل كتاب وحدة وادي النيل pdf