كيف أعرف أن طفلي تعرض للتحرش؟


كيف أعرف أن طفلي تعرَّض للتحرُّش؟

 

تقول أم يزن: ابني يبلغ من العمر 8 سنوات، نسكن في عمارة فيها عدة شقق، أهل زوجي يسكنون في الدور الأرضي من العمارة، ابني يحب النزول إلى بيت جَدِّه، واللعب مع عمه المراهق، الذي يبلغ من العمر 13 سنة، ابني يحب عمه كثيرًا ويراه قدوة له ويقلِّده في كل شيء، مع أن عمَّه متسلط عليه، اكتشفت مؤخرًا، أن ابني تعرض للتحرش من عمه أكثر من مرة، وكانت بداية التحرُّش من قبل ثلاث سنوات، وكانت البداية بلمس أعضاء ابني وطلب رؤيتها أحيانًا، وكان يطلب منه مبادلته نفس العمل، ثم تطور الأمر تدريجيًّا حتى وصل إلى ممارسة الشذوذ مع ولدي، في السنة الأخيرة حصلت ممارسة الشذوذ معه ثلاث مرات، وكان يطلب من ولدي مبادلته نفس العمل.

 

كان يطلب من ولدي كتمان الأمر وعدم إخبارنا، بل وصل الأمر إلى تهديده بالضرب، وبحكم خوف ابني الشديد من عمه لم يخبرني بما حدث.

 

ما زال ابني يقابل عمَّه بشكل يومي تقريبًا بحكم الجوار، ولكن لم يكلمه من بعدِ معرفتنا بما حدث، أنا خائفة جدًّا الآن على ولدي، وأخاف من الآثار السلبية على نفسيته مستقبلًا، مع العلم أني وضحت له أن عمه سيئ جدًّا، ولا يجب عليه أن يحبه، وأن يتعامل معه بحذَرٍ، وأن هذا العمل حرام ويعاقب الله عليه، وأنَّ الله لا يحب من يفعل ذلك.

 

هذه حادثة من حوادث كثيرة تحدث في بيوت الأقارب، وللأسف الأهل غافلون عنها بحكم صلة القرابة بينهم، أصبحت الثقة المفرطة لجميع الأبناء والبنات صغارًا وكبارًا هي السائدة بينهم، حتى صارت بعض بيوت الأجداد مأوى للتعارف والتقارب والتواصل، ونزع الحياء والعفة والحجاب بين البنين والبنات.

 

أيها الآباء وأيتها الأمهات، سؤال يتكرر كثيرًا على مسامعنا: كيف أعرف أن ولدي تعرض للتحرش؟ كيف أستطيع تدارك المشكلة قبل أن تكبَر، ثم يصعب علاجها؟

 

إن مسؤولية الوالدين كبيرة في حماية أطفالهم من هاجس التحرُّش، خاصة عندما تسمع الأُسَر في المجالس هنا وهناك عن تعرُّض أبنائهم وبناتهم لمشكلة التحرُّش، فتدخل الأم ويدخل الأب في حالة لا يعلمها إلا الله من القلق والتوتر، وصوت الداخل في نفوسهم يكبر ويكبر، هل طفلي تعرض للتحرش أو لا؟ وهنا يبدأ الشك والريب من هذا الطفل وتلك الفتاة، من القريب والبعيد، في المدرسة وبيت الجد … وهكذا.

 

إن المعتدي عادة يميل إلى تطبيق ما يسمى “الاستمالة”، وهي مصادقة الطفل والتقرب إليه وإلى أسرته بغرض اكتساب ثقتهم، حتى يتسنَّى له الانفراد بضحيته والاعتداء عليها، فتجده يهتم بألعابه، وإغراقه بالهدايا والحلويات، وعزله عن الآخرين، وتلبية احتياجاته، ومعاملته كما لو أنه والده أو والدته أو أخوه الأكبر.

 

أيها الآباء وأيتها الأمهات، هناك علامات جسدية أو سلوكية تخرج على بعض الأطفال الذين تعرَّضوا للتحرش أو لبداياته، ومنها: عدم رغبته أو خوفه من البقاء في مكان معين، أو الجلوس مع شخص معين، والتشبُّث بوالديه وتردده في الحوار معهم، والدخول في صمت على غير عادته، وقلقه وسرعة انفعاله، وزيادة أو نقصان شهيته للطعام، وخروج بعض العادات السلبية عليه كالتبول غير الإرادي، أو مص الأصابع، وتكرار الأحلام المزعجة عليه، والخوف من الظلام، وعند سؤاله يدخل في نوبة بكاء شديد، وقد تظهر عليه علامات التمرد، كما يقضي وقتًا أكبر وحده.

 

إن على الآباء والأمهات أن يشعروا أولادهم بالحب والأمان النفسيِّ والجسديِّ، فالخوف من الضرب والتهديد أو العقاب منهم يجعل الأولاد يخافون من الحوار معهم، وكشف ما بداخلهم من آلام وقلق وتوتر، خاصة أنهم يشعرون أنهم كان شركاء في هذه الجريمة، وأنهم يتحملون جزءًا من المسؤولية.

 

بعض الآباء أو الأمهات يدخل في حالة من الذهول والصمت والتردد عند اكتشافه لحالة التحرُّش التي وقعت على طفله؛ لأنه يرى أن هذه منطقة محظورة يخاف بسببها من الفضيحة أمام المجتمع؛ لذا يتعامل مع طفله بالتكتُّم والتحفُّظ، حتى يصل إلى درجة أنه يطلب من الطفل النسيان وتكتم الأمر وكأنه أمر طارئ، خاصة عندما يكون المتحرش من أفراد الأسرة أو من الجيران، وهنا يقع الوالدان في جريمة كبرى في حق الطفل، إن لم يستطيعا علاجه مبكرًا نفسيًّا واجتماعيًّا وتربويًّا.

 

إن المربي للطفل الذي تعرض للتحرش عندما يجهل أو ينسى أو يتجاهل أن كتمان الطفل لهذه الجريمة وتركها دون علاج، تجعل منه شخصية فاقدة للثقة بالنفس، وفاقدة للإحساس بالأمان النفسي، تجعله قلِقًا ومتوترًا، تجعله يفقد تحكمه في انفعالاته، بل قد يصل إلى نزعة الانتقام من نفسه ومن المجتمع.

 

أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن يصرف عنهم كل سوء وبلاء، وأن يوفِّقهم لكل خير، وصلى الله على سيدنا محمد.

 





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب تطور تعليم الهندسة في مصر pdf
تحميل كتاب الكابلات الأرضية ذات الضغط العالي pdf