لمحة عن كتاب «الحركة الطلابية والنسائية والعادات والتقاليد المتوارثة في القدس»

د. زياد أبولبن

صدر عن وزارة الثقافة كتاب «الحركة الطلابية والنسائية والعادات والتقاليد المتوارثة في القدس» من إعداد مركز دراسات القدس/ جمعية يوم القدس في عمّان لعام 2023، وتقديم الدكتورة هند أبوالشعر، ويقع الكتاب في 260 صفحة، ويحتوي على عدد من الأبحاث التي كتبها عدد من طلبة الجامعات في الأردن وفلسطين، وهي تأتي في إطار جائزة مركز دراسات القدس التي تطلقها سنوياً بعناوين مختلفة تخصّ القدس. وتهدف هذه الجائزة إلى توثيق سياسات التعليم والمناهج الدراسية في القدس تحت الاحتلال الصهيوني، وإلى دحض كل الادعاءات التي يسعى الاحتلال الصهيوني إلى تحريف التراث الحضاري، وإلى طمس الهوية الفلسطينية، وتفريغ الأرض من أصحابها، ومصادرة الممتلكات والأرض معاً، وتغييب الوعي بالقضية الفلسطينية مستهدفاً فئة الشباب، كما تهدف الجائزة إلى تفعيل دور الطلاب في بناء مجتمع متماسك، والعمل على تطوير بنيته من أجل مستقبل أفضل.

جاء في مقدمة الكتاب التي كتبتها الدكتورة هند أبو الشعر: مدينة القدس من أكثر مدن العالم تنوعاً في المصادر، منذ عصور ما قبل التاريخ حتى اليوم، لذا تجتذب المدينة المقدسة العديد من الباحثين في كل محاور الدراسة. وتهيئة الفئات الشابَّة من أهالي القدس ومن فلسطين كلها لمعرفة المنهجية السليمة للدراسة وكتابة تاريخ القدس، مهمة وطنية تستحق الاهتمام والمتابعة.

إن الاحتفاء بهذه الطاقات وتقديمها إلى القارئ، هي العتبة الأولى التي تقف عليها فئة الباحثين من الشباب الجامعي المقدسي، للدخول إلى عالم البحث الجاد، ومن هنا تأتي فكرة نشر هذه المجموعة من الأبحاث التي نضعها بين أيدي القراء.

يجمع هذه الأبحاث محور المكان، وهو القدس وفلسطين، في حين تتفاوت المرحلة الزمنية التي يتم تناولها، ما بين الزمن العثماني المتأخر وعهد الانتداب البريطاني، وصولاً لمرحلة الانضمام للمملكة الأردنية الهاشمية، وأخيراً ما بعد حرب عام 1967م حتى اليوم، وهذا زمن طويل، مر بالقدس وفلسطين، وتغيَّرت فيه القوى ما بين الزمن العثماني الذي استمر في فلسطين بين سنوات 1516م – 1917م عندما دخل الجيش البريطاني القدس، بقيادة الجنرال اللنبي، وباتت القدس وكل فلسطين تحت الانتداب البريطاني مع نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918م، وهذه الفترة التي تم فيها تسريع نشاط الحركة الصهيونية وتزايد الهجرة الصهيونية بقوة مدروسة، في الوقت الذي تحركت فيه قوى الشعب الفلسطيني للوقوف أمام هذا المد البشع الذي استهدف الأرض والكيان العربي. وانتهت فترة الانتداب البريطاني التي رعتها عصبة الأمم المتحدة بحرب عام 1948 م، وتمزقت فلسطين وتشتت الشعب في ديار الشتات والمخيمات، حيث احتضنت الأردن وسورية ولبنان الجزء الأكبر من الشعب الفلسطيني الذي اضطر للجوء، في حين قامت دولة الصهاينة على أرض فلسطين المصادرة، في خطوة غير مسبوقة بطرد الأهالي والاستيلاء على ممتلكاتهم بالقوة.

هذا هو الإطار التاريخي الذي تحركت فيه الأبحاث، وتركزت على دور المرأة الفلسطينية والمقدسية بخاصة في مواجهة هذا الصراع الكبير على الوجود، كما أعطت البحوث دوراً واضحاً لتسليط الضوء على الحركات الطلابية في مواجهة الاحتلال. وتأكيداً على الوجود العربي الفلسطيني تناولت بعض هذه البحوث العادات والتقاليد على الأرض الفلسطينية وخاصة في القدس، مع التأكيد على نموّ الحس الوطني وإبرازه، وكل هذه الموضوعات ترتبط بالأرض ارتباطاً وثيقاً، وتحاول التركيز على القدس جوهرة المدن، حيث تهوى أرواحنا وتتلاقى.

وختاماً، فإننا ونحن نقدم هذه المجموعة من الأبحاث، فإننا نثمن عالياً روح المواطنة العالية لكل هؤلاء الذين بذلوا جهوداً للوفاء بقضيتنا العادلة، والالتزام الكبير بأرض فلسطين والقضية الفلسطينية التي تعيش في دماء كل الأجيال القديمة والحاضرة والتي ستولد، فما دام العدوان الصهيوني ما زال جاثماً على صدورنا، وما دام يخطط لزرع آلاف المستوطنين، وما دام يصادر الأراضي ويبني المستوطنات، فإن علينا أن نحارب بكل ما نملك من وسائل ومنها التوثيق لحضورنا العربي، ومخاطبة العالم بالعلم والبحث والحجة الموثقة، وعلينا أن نُعدَّ فئات متمكنة من الباحثين ليوصلوا بوسائلهم العلمية كلمة الحق التي تصادرها القوة الصهيونية بكل ما تملك من وسائل.

نقول أخيراً للباحثين الشباب، التوثيق لفلسطين والقدس حالة لا تنتهي. سلمتم، وستظل راية الحق في أيدينا، مهما مر علينا من زمن، وأنتم من ستظل الراية في أيديهم، والعلم وسيلتكم لترفعوا هذه الراية. وسلام للقدس ولكل شبر من فلسطين روته دماء الشهداء، والمجد لشهداء الجيش العربي الذي حمى سور القدس، والمجد والسلام لكل الدماء التي سالت من أجل عروبة فلسطين، وسلام لزهرة المدائن.

وجاءت أبحاث الكتاب على النحو الآتي: الحركة الطلابية في ظل الاحتلال الصهيوني: مريم علي حسن صالح، نمو الحس الوطني للحركة الطلابية الفلسطينية في القدس في ظل الاحتلال الإسرائيلي: هند عدنان أبو نجيلة، الحركة الطلابية في القدس في ظل الاحتلال الصهيوني: رهف إسكندر الجمّال، الحركة النسوية الفلسطينية في القدس: فهيمة غنايم، الحركة النسائية في القدس صراع وجود: أحمد ماجد الخواجا، أبواب القدس.. عادات وتقاليد: غزال أشرف طلال هديب، عادات أهل القدس وتقاليدهم الموروثة: بيان موسى محمد أبو ذريع، العادات والتقاليد في القدس: معاوية مهند إبراهيم غيث.