متى يبدأ القنوت في قيام رمضان؟


متى يبدأ القنوت في قيام رمضان؟

 

أخرج البَيهَقِيُّ (2/ 498)، وابن خزيمة في صحيحه (1100) عن عبدالرحمن بن عبدالقاري: ((أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمَرَ أُبَيَّ بن كعب رضي الله عنه أن يقوم للناس في رمضان، وكانوا يلعنون الكَفَرَةَ في النصف: اللهم قاتِلِ الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويُكذِّبون رُسُلَك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالِفْ بين كلمتهم، وألْقِ في قلوبهم الرعب، وألْقِ عليهم رِجْزَك وعذابك، إلهَ الحق… ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين، مما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين، ثم يقول: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجُد، ولك نسعى ونحفِد، نرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجِدَّ، إن عذابك لمن ‌عاديتَ ‌مُلْحِق، ثم يُكبِّر ويَهوِي ساجدًا)).

 

قال الحافظ في التلخيص الخبير: “إسناده حسن، قال ابن خزيمة: هذا أعلى خبر يُحفَظ في القنوت في الوِتْرِ عن أبي بن كعب في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفًا”.

 

وأخرج ابن أبي شيبة (7112) عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما ((أنه كان لا يقنُت ‌إلا ‌في ‌النصف من رمضان))؛ [سنده صحيح].

 

قال الفاكهي: وكان أهل مكة على القنوت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان“؛ [أخبار مكة (2/ 155)]، والقول بسُنِّيَّة القنوت في النصف الأخير فقط من رمضان مَرْوِيٌّ عن عليٍّ وأُبَيِّ بن كعب رضي الله عنهما، وهو رواية عن مالك، وهو القول المشهور في مذهب الشافعية، ونصَّ عليه الإمام أحمد؛ [انظر: (المغني: 1/ 820)، والمجموع (4/ 15)، والاستذكار (5/ 166)، ومسائل أحمد لأبي داود (ص: 66)].

 

قال أبو العباس ابن تيمية: “قنوت الوتر من جنس الدعاء السائغ في الصلاة، من شاء فعله، ومن شاء تركه؛ كما يُخيَّر الرجل أن يُوتِرَ بثلاث، أو خمس، أو سبع، وكما يُخيَّر إذا أوتر بثلاث إن شاء فَصَلَ، وإن شاء وَصَلَ، وكذلك يُخيَّر في دعاء القنوت إن شاء فعله، وإن شاء تركه، وإذا صلى بهم قيام رمضان، فإن قنت في جميع الشهر، فقد أحسن، وإن قنت في النصف الأخير، فقد أحسن، وإن لم يقنت بحال فقد أحسن”؛ [الفتاوى الكبرى (2/ 119)].

 

ومما نريد أن ننبِّهَ عليه في هذا المقام: ما يقع في دعاء الوتر من السجع والتَّمْطِيط والتلحين، وترتيل كلمات الدعاء حتى يحسبه السامع قرآنًا مثل القرآن، ورفع الصوت به، فكل هذا مما يُعَدُّ مخالفًا للسنة.

 

قال القرطبي: “ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظًا مفقَّرة، وكلمات مسجَّعةً، قد وجدها في كراريسَ لا أصل لها، ولا معوِّلَ عليها، فيجعلها شِعارَه، ويترك ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل هذا يمنع استجابة الدعاء”؛ [الجامع لأحكام القرآن (7/ 226)].

 

قال ابن حجر: “الاعتداء في الدعاء يقع بزيادة الرفع فوق الحاجة، أو بطلب ما يستحيل حصوله شرعًا، أو بطلب معصية، أو يدعو بما لم يُؤثَر، خصوصًا ما وردت كراهته؛ كالسجع المتكلف، وترك المأمور”؛ [فتح الباري (8/ 148)].

 

قال بكر أبو زيد: “فتسمع في دعاء القنوت عند بعض الأئمة في رمضانَ الجهرَ الشديد، وخفض الصوت، ورفعه في الأداء حسب مواضع الدعاء، والمبالغة في الترنُّم، والتطريب والتجويد، والترتيل، حتى لكأنه يقرأ سورة من كتاب الله تعالى، ويستدعي بذلك عواطف المأمومين؛ ليجهشوا بالبكاء“، وقال: “التلحين والتطْرِيب والتغنِّي، والتقعُّر والتمطيط في أداء الدعاء منكر عظيم، ينافي الضراعة والابتهال والعبودية، وداعيةٌ للرياء والإعجاب، وتكثير جمع المعجبين به، وقد أنكر أهل العلم على من يفعل ذلك في القديم والحديث“؛ [تصحيح الدعاء (ص: 83)].

 

وصلى الله على النبي ومن والاه.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
مختصر مفيد عن أحكام ليلة القدر
فقه التيسير في رمضان