من مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو نذر استحب لوليه قضاؤه


مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ، أَوِ اعْتِكافٌ، أَوْ نَذْرٌ، اسْتُحِبَّ لِوَلِيِّهِ قَضاؤُهُ

 

قَالَ الْمُصَنِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ-: “وَإِنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ، أَوِ اعْتِكافٌ، أَوْ صَلاةُ نَذْرٍ، اسْتُحِبَّ لِوَلِيِّهِ قَضاؤُهُ”.

هُنَا ذَكَرَ –رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَقومَ مَقَامَهَ، وَيَنوبَهُ فِي مَجْموعَةِ أُمورٍ:

الْأَوَّلُ: الصَّوْمُ.

 

الثَّانِي: الْحَجُّ.

 

الثَّالِثُ: الِاعْتِكافُ.

 

الرَّابِعُ: صَلاةُ النَّذْرِ.

 

وَسَيَكونُ الْحَديثُ عَنْهَا فِي مَسائِلَ؛ كَالتَّالِي:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حُكْمُ قَضاءِ الصِّيامِ عَنِ الْمَيِّتِ:

وَهَذِهِ ذَكَرَهَا –رَحِمَهُ اللهُ- بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ).

وَهَذَهِ الْمَسْأَلَةُ لَهَا حَالَانِ:

الْحَالُ الْأُوْلَى: أَنْ يَطُولَ بِمَنْ أَفْطَرَ عُذْرُهُ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقَضاءِ؛ فَهَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

 

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْتَهِيَ عُذْرُهُ، وَيَتَمَكَّنَ مِنَ الْقَضاءُ، وَلَكِنَّهُ فَرَّطَ فِيهِ.

 

وقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُصامُ عَنْهُ فِي النَّذْرِ، وَيُطْعَمُ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ.

وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[1]، وَاخْتارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَابْنُ الْقَيِّمِ[2].

 

وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ، مِنْهَا:

– حَديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ»؛ فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الرِّوايَةَ تَخُصُّ قَضاءَ النَّذْرِ فَقَطْ، وَهِيَ تُخَصِّصُ الرِّوايَةَ السَّابِقَةَ الَّتِي جاءَتْ فِي قَضاءِ الصَّوْمِ عامَّةً، وَالِّتِي فِيهَا: «إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ»، وَتُخَصِّصُ عُمومَ حَديثِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»؛ فَيُصامُ عَنِ الْمَيِّتِ النَّذْرُ دونَ غَيْرِهِ.

 

– وَلِأَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- شَبَّهَهُ كَمَا فِي حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- بِالدَّيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَضاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إِذَا لَـمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً، وَكَذَلِكَ هَذَا.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجوزُ صِيامُ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ.

وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَديدِ[3].

 

وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ؛ مِنْهَا:

– قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39].

 

– وَبِحَديثِ ابْنِ عُمَرَ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ؛ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا»[4].

 

وَبِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مَرْفوعًا وَالصَّحيحُ أَنَّهُ مَوْقوفٌ: «لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ»[5].

 

ومِنْ جِهَةِ النَّظَرِ: أَنَّ الصَّوْمَ عِبادَةٌ عَلَى الْبَدَنِ، فَأَشْبَهَ الصَّلاةَ والْإِيمانَ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقومَ عَنْهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَكَذَلِكَ الصَّوْمُ[6].

 

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجوزُ أَنْ يُصامَ عَنْهُ، وَيَجوزُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ.

وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَديمِ، وَهُوَ الصَّحيحُ الْمُخْتارُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[7]، وَاخْتارَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ[8].

 

وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ، مِنْهَا:

– قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164].

 

– وَبِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ».

 

– وَبِحَديثِ عائِشَةَ –رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، وَهَذَا الْحَديثُ حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ مِنَ الْحَنابِلَةِ عَلَى صَوْمِ النَّذْرِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَصومُهُ وَلِيُّ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ الْواجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ مِثْلُ رَمَضانَ؛ فَإِنَّ وَلِيُّهُ لَا يَصومُهُ.

 

فَــــائِدَةٌ: أَجْمَعَ الْعُلَماءُ أَنَّهُ لا يَصومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فِي حَالِ حَياتِهِ[9].

وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلاثُ مَسائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَيْفِيَّةُ الصِّيامِ عَنِ الْمَيِّتِ:

اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ:هَلْ يَجوزُ أَنْ يَصومَ الْجَماعَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي أَيَّامٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَمْ فِي يَوْمٍ واحِدٍ؟

 

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَـجوزُ صَوْمُ جَماعَةٍ عَنِ الْمَيِّتِ فِي يَوْمٍ واحِدٍ، أَوْ فِي أَيَّامٍ، وَيُجْزِئُ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْأَيَّامِ عَلَى الصَّحيحِ.

 

وَهَذَا الصَّحيحُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[10].

 

وَعَلَيْهِ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ماتَ وَعَلَيْهِ شَهْرٌ كامِلٌ؛ فَلَا حَرَجَ إِذَا صامُوا مَا عَلَيْهِ مِنَ الصِّيامِ فِي يَوْمٍ واحِدٍ، أَوْ إِذَا صامَ واحِدٌ صامَ الثَّانِي الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِذَا صَامَهُ صَامَ الثَّالِثُ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، وَهَكَذَا حَتَّى يُتِمُّوا ثَلاثينَ يَوْمًا.

 

أَمَّا كَفَّارَةُ الظِّهارِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْكَفَّاراتِ الَّتِي اشْتُرِطَ فِيهَا التَّتابُعُ؛ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْسِمَ صَوْمُهَا الْوَرَثَةُ؛ لِاشْتِراطِ التَّتابُعِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي:أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، بَلْ يَصومُ واحِدٌ.

 

وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[11].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَنْ هُوَ الْوَلِيُّ الَّذِي يَصومُ عَنِ الْمَيِّتِ؟

اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذَهِ المَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: الْوَلِيُّ عَلَى الْمَذْهَبِ هُوَ الْوارِثُ[12].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: الْوَلِيُّ هُوَ الْقَريبُ؛ سَواءٌ كانَ عَصْبَةً أَوْ وارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا.

 

وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ[13].

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ صِيامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ:

صِيامُ الْأَجْنَبِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:

الْحَالُ الْأوْلَى: أَنْ يَصومَ الْأَجْنَبِيُّ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْمَيِّتِ، وَهَذَا يَجوزُ[14].

 

الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَصومَ الْأَجْنَبِيُّ عَنِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّ الْمَيِّتِ.

 

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يَجوزُ أَنْ يَصومَ الْأَجْنَبِيُّ عَنِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ.

وَهَذَا الصَّحيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ، وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[15].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي:لَا يَجوزُ أَنْ يَصومَ الْأَجَنْبَيُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَإِلَّا فَلَا.

وَهَذَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ الْأَصَّحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[16].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ حَجُّ نَذْرٍ، يَحُجُّ عَنْهُ وَلِيُّهُ:

وَالدَّليلُ:

– حَديثُ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ»[17].

 

– وَبِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ»[18][19].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكافُ نَذْرٍ، فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَعْتَكِفُ عَنْهُ، وَإِذَا اعْتَكَفَ عَنْهُ أَجْزَأَ.

وَالِاعْتِكافُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ إِجْماعًا[20]، فَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتِكَفَ وَماتَ وَلَمْ يَعْتَكِفْ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَعْتَكِفَ عَنْهُ؛ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاعْتِكافَ صارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِذَا كانَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى؛ كَدَيْنِ الْآدِمِيِّ.

وَهُناكَ خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكافٍ يَعْتَكِفُ عَنْهُ وَلِيُّهُ.

وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[21].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكافٍ لَا يَعْتَكِفُ عَنْهُ وَلِيُّهُ.

وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمالِكِيَّةِ، وَالْمَشْهورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[22].

 

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُطْعَمُ عَنْهُ.

وَهَذَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[23].

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صَلاةُ نَذْرٍ:

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا رِوايَتانِ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تُفْعَلُ عَنْهُ قِياسًا عَلَى حُكْمِ الصَّوْمِ.

وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ[24].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي:لَا تُفْعَلُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ لَا يَدْخُلُ الْمالُ فِي جُبْرانِهَا بِحَالٍ، فَلَا يَصِحُّ قِياسُهَا عَلَى الصَّوْمِ[25]؛ فَعَلَى هَذَا يُكَفَّرُ عَنْهُ كَفَّارَةُ يَمينٍ.

وَلَعَّلَ الْأَقْرَبَ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ؛ لِحَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: اقْضِهِ عَنْهَا»[26]، وَإِنْ كانَتْ فَريضَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا تُقْضَى لِعَدَمِ وُرودِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.


[1] انظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل (2/ 189).

[2] انظر: منهاج السنة (5/ 228)، وإعلام الموقعين (4/ 296)،

[3] انظر: المبسوط، للسرخسي (3/ 89)، والكافي في فقه أهل المدينة (1/ 338، 339)، والمجموع، للنووي (6/ 368).

[4] أخرجه الترمذي (718)، وصححه موقوفًا، وابن ماجه (1757)، وضعفه الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي (7/ 224).

[5] أخرجه النسائي في الكبرى (2930)، وصحح إسناده موقوفًا ابن رسلان في شرح سنن أبي داود (13/ 716).

[6] انظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (2/ 443، 444).

[7] انظر: المجموع، للنووي (6/ 368)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 502).

[8] انظر: السنن الكبرى، للبيهقي (4/ 428، 429)، وشرح مسلم، للنووي (8/ 25).

[9] انطر: إكمال المعلم (4/ 104).

[10] انظر: المجموع، للنووي (6/ 371)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 506).

[11] انظر: الإنصاف، للمرداوي (7/ 506، 507).

[12] انظر: الروض المربع (2/ 38)،

[13] انظر: شرح مسلم، للنووي (8/ 26).

[14] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 153).

[15] انظر: شرح مسلم، للنووي (8/ 26)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 507).

[16] انظر: شرح مسلم، للنووي (8/ 26)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 507).

[17] أخرجه البخاري (1852).

[18] أخرجه البخاري (1854)، واللفظ له، ومسلم (1334).

[19] انظر: الشرح الكبير على متن المقنع (3/ 90).

[20] انظر: المجموع للنووي (6/ 475).

[21] انظر: المجموع، للنووي (6/ 372)، والمغني، لابن قدامة (10/ 28).

[22] انظر: مختصر اختلاف العلماء (2/ 55)، والمدونة (1/ 297)، والمجموع، للنووي (6/ 372).

[23] انظر: المجموع، للنووي (6/ 372).

[24] انظر: المغني، لابن قدامة (10/ 28).

[25] انظر: المجموع، للنووي (6/ 372)، والمغني، لابن قدامة (10/ 28).

[26] أخرجه أبو داود (3307)، والنسائي (3656)، وصححه ابن حبان (4393).





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
ثقافي / قراءة في كتاب: "محافظة رنية.. بحوث جغرافية وتاريخية واجتماعية" – Saudi Press Agency
طبقات الناس في كراهية الموت